أخبار المحروسة | هبة عبد العزيز تكتب: يحيى حقى .. قنديل أم هاشم !


أين أنت أيها النور الذى غبت عنى دهراً؟ مرحبا بك، لقد زالت الغشاوة التى كانت ترين على قلبى وعينى، وفهمت الآن ما كان خافيا على ، «لا علم بلا إيمان».

بتلك الكلمات للمبدع الكبير الاستاد يحيى حقى من رواية «قنديل أم هاشم»، كنت قد ختمت مقالى فى الأسبوع الماضى، والذى كتبته كما أشرت بمناسبة مرور الذكرى الـ25 على وفاة أحد أهم رموز الحياة الثقافية والأدبية فى مصر، ولربما كان الدافع الأكثر إلحاحاً على أيضا هو الفجوة الكبيرة أو الهوة الواسعة ما بين جيلى وجيل العظماء من أمثال يحيى حقى، فالمناخ العام بكل أسف لم يسمح لنا بتسلم الراية منهم كما ذكرت أن حدثنى بذلك استاذى العزيز دكتور عصام الشماع.

ولعلى أتذكر معكم أننى كنت قد شاهدت فيلم «قنديل أم هاشم» للمرة الأولى وأنا فى سن الـ10 تقريبا، وأتذكر أيضا جيدا بأننى لم أسطع حينها استيعاب الرواية ولا مغزاها كاملاً، ولعلى عندما عاودت مشاهدته مرة أخرى فى سن متقدمة وكان ذلك بعد قراءتى لعدد من أعمال يحيى حقى فكان الأمر مختلفاً تماماً بالنسبة لى.

وبشكل عام فكم تشعر فى كتابات يحيى حقى بالألفة، وليست الألفة فى التعبير فحسب، بل إنها ألفة مع الحياة ومع كل الأشياء حولنا، وكم هو بارع فى أخذك وأنت جالس فى مكانك إلى رحلة مكانية عبر أحداث وأشخاص وأشياء، كما أن رحلاته أيضا هى رحلات زمنية عبر ذكريات أو خبرات ماضية، والأكثر روعة أن تلك الرحلات كثيرا ما تحلق بنا فى واقع الأمر الى ما فوق المكان والزمان باحثة عن قيم جديدة للإنسان فى التعايش والحب.

وكلما قرأت له فإننى أشعر من شدة صدقه تجاه كل ما هو أصيل وجوهرى، بأنه صديقى القريب الذى يكره الزيف والادعاء والنفخة «الكدابة»، والذى يخاطب دائماً ما بنا من بساطة وشجاعة وصراحة، فكتاباته حكايات بسيطة ونكات طريفة وذكريات إنسانية وأحزان صادقة ولحظات حب دافئة، فيحيى حقى حقاً كان فناناً ومؤرخاً وثورياً ومصلحاً وفى وفائه هذا لم يكن صديقاً فحسب وإنما كان وفاء نادراً لمصر وتاريخها ووفاء للإنسانية الحقيقية، فقد كان يقول دائماً وبوعى إنه من شباب ثورة 1919م، وله مقولة شهيرة كم نحتاج استدعاءها اليوم وهى (.... وطننا يحتاج أشد الحاجة فى الفترة التى يجتازها الى النظرة العلمية الواقعية للوصول إلى حلول إيجابية سريعة عملية لامراضه المستعصية).

ولعلى وددت أن نستحضر سوياً روايته العبقرية «قنديل أم هاشم»، وربما زاد من حماسى لاستحاضر أو سرد بعض من أحداثها الآن، مشاركتى الأسبوع الماضى فى مؤتمر «الفن والأدب فى مواجهة التطرف» الذى عقدته مكتبة الاسكندرية بنداء من دكتور مصطفى الفقى لمئات من المثقفين للمشاركة فى جلسات حول أهمية دور القوى الناعمة فى مواجهة الإرهاب والتطرف.

ولحديثنا بقية.

اضف تعليق

أحدث أقدم

تحديثات