منى فتحى تكتب عن : بنات الباشا .. وأوجاعهم

جاء فيلم بنات الباشا كواحد من أكثر الأعمال جرأة وصدقًا في طرح الألم النسائي الخفي، ذلك الألم الذي لا يُرى، ولا يُحكى، ولا يجد له دائمًا مساحة آمنة ليخرج إلى النور، في هذا العمل، لم نكن أمام قصة واحدة، بل أمام سبع حيوات كاملة، سبع بطلات حملوا أوجعاهم على أكتافهم، ووقفوا بكل ما فيهم من هشاشة وقوة أمام واقع قاس لا يرحم .

الفيلم قدم الألم كما هو: عار، حاد، واقعي، بلا تجميل ولا محاولة لتهدئة الحقيقة كل شخصية كانت تمثل وجهًا مختلفًا من وجوه المعاناة،فتاة تُباع في صمت، وأخرى تُحاصرها النظرات، وثالثة تبحث عن حب لم يأتِ، ورابعة تُطاردها ذنوب لم ترتكبها، وخامسة تهرب من حياة تبتلعها، وسادسة تُنقذ غيرها بينما تغرق بنفسها، وسابعة تحمل رسالة لا يسمعها أحد .

نجح العمل في أن يجعل المشاهد يقف على حدود أرواحهم، يسمع الهمس الداخلي، يرى الخوف المخبء، يلمس الجرح الذي طالما تجاهله المجتمع،لم يكن عرضًا للأحداث بقدر ما كان كشفًا للقلوب واعترافًا مؤلمًا بأن ما يحدث خلف الأبواب المغلقة أثقل كثيرًا مما نراه على السطح .

وقد كان لافتًا أن الفيلم لم يكتفِ بالحكي، بل قدم واقعية جارحة بداية من التصوير وانتهاءً بأداء البطلات، مرورًا بتفاصيل المكان الذي صار شخصية بحد ذاته الباشا بيوتي سنتر الذي بدا كأنه المرآة الكبرى التي تعكس كل ما تحاول النساء إخفاءه .

أثنى العمل على قوة المرأة، وعلى هشاشتها أيضًا، على قدرتها على النجاة مهما اشتد العالم حولها، وعلى صمتها حين يُصبح الكلام خيانة لما تبقى في داخلها من احتمالات .

إنه فيلم لا يُشاهَد مرة واحدة بل يُعاش، ويظل معك طويلًا .

فيلم يذكرك أن لكل امرأة قصة، ولكل قصة جرح، ولكل جرح صوت وبنات الباشا منح ذلك الصوت مساحة، وجسد الألم بواقعية تُؤلم بقدر ما تُضيء . 



اضف تعليق

أحدث أقدم

تحديثات