دكتورة سهام عبد السلام
رفضت الألقاب والمناصب والقيود تحت أى مسمى منذ عرفتها في اليوم الاول فكانت (سمسمة) وكان درسي الأول الذى تعلمته منها.
ثم صار الإسم الرسمى عند اللزوم: "سهام بنت سنية وعبد السلام" .
منذ عرفتها و لمدة ٢٠ عامًا غيرت نظرتى للبشر ،وأستعدت بسببها جزء كبير من ثقتى بهم بعد أن فقدتها تدريجياً،وربما هذا الجزء الذى عاد معهايخصها وحدها فقط .
كانت إستثناء بشري مكتمل ، امتلكت من الرحمة والحب ما يفيض علي كل إنسان يعرفها و أى كائن حي ،لدرجة تثير الدهشة في أوقات كثيرة ، وأى إنسان يعرفها لا يوجد شك في كونه يمتلك جمال وتميز ما خاص به و ليس من الضرورى ان تعرفه، ولكن يكفى ان تعرف أنه من معارف سمسمة وأصدقائها لتحبه بلا تردد وتعتبروا أنفسكم عائلة بلا سابق معرفة وأخوة من أم واحدة فكانت هى الرابط بين محبيها .
أحبت الحياة ودافعت عنها وقاومت وانتصرت وأحدثت فارق في كل التحديات وخذلتني مرة واحدة في معركتها الأخيرة مع السرطان لأنها كانت الأشرس علي مدار السنوات السابقة، ولكنها علي أية حال وبلا أنانية منى تستحق الراحة والسلام .
رحلت بهدوء في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء 17-10-2023 بعد 75 عامًا من نشرها لبذور المحبة في قلوب الجميع .
كانت نادرة ومتعددة المواهب والاهتمامات التى يصعب أن تجتمع في سيدة مصرية في جيلها ،كنا زملاء في مركز الأبداع الفنى أجلس في المسرح بجوارها وأنا لازلت طالبة أدرس في كلية الفنون الجميلة وهي بعمر أمى تقريبًا وقلبها وروحها أصغر وأصبي منا جميعًا، ومن يومها كانت أمى وصديقتى بلا قرار أو اختيار وكأننا كنا علي ميعاد مؤكد.
كانت طبيبة بشرية تخرجت من كلية الطب بجامعة عين شمس١٩٧٢ ، لا تترك إنسان أو حيوان يحتاج لمساعدة طبية إلا وتطوعت مهما كلفها الأمر حتى وهى تسير في الشارع .
ناقدة سينمائية حصلت علي دبلومة في النقد الفنى وعضوة بجمعية النقاد وشاركت في مهرجانات عديدة ولها مقالات هامة في المجال النقدي ، لا يفوتها حضور أومتابعة كل المهرجانات في اى محافظة مصرية.
مترجمة بارعة أستمتعت معها بالعمل علي غلاف (أليس في بلاد العجائب) و (آليس في المرآة) بعد ان قامت بترجمتها بروح مصرية خالصة وكأنك لم تقرأها من قبل ؛فأخذتني سمسمة معها في رحلة لا تنسي الي بلاد العجائب وتركتني هناك.
باحثة أنثروبولوجي حازت على درجة الماجيستير من الجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام 1998، ودافعت عن ختان الإناث بقوة في وقت كان يصعب فيه مجرد الإشارة الى فكرة كتلك .
جابت الأقاليم وقامت بأبحاث ميدانية عن الصحة الإنجابية وصحة المرأة وجمعت معلومات قيمة وخبرات لا تحصى ،وجمعت كل ذلك وأكثر في كتاب مع اليونيسيف قمت بالعمل معها فيه في الرسم والتلوين باليد وقضينا أيام وليالي لا تنسي .
ناشطة نسوية وحقوقية رفضت ختان الذكور والفت عنه كتابًا هامًا وسوف يأتى اليوم الذى ينشر فيه ويصبح في متناول الجميع ليحدث الفارق الذى كانت ترجوه منه.
كاتبة رقيقة ومبدعة ولها مسرحيات ومؤلفات بعضها قدم علي مسرح الدولة مثل مسرحية الأطفال (بدر البدور والبير المسحور)، وبعضها مازال ينتظر .
شاعرة "حلامنتيشي " كما كانت تقول ، فكتبت بالعامية فيما بيننا ما نضحك عليه في مواقف كثيرة.
أما العمل التطوعي فمن الصعب أن يحصى، ساعدت الباحثين المكفوفين حيث كانت متطوعة لمساعدتهم بالمرافقة في المكتبات أو دار الوثائق أو في القراءة،وقدمت من مكتبتها ومؤلفاتها ما يحتاجه اى طالب او باحث يدق باب بيتها في وسط البلد .
كان هذا جزء بسيط مما قدمته سمسمة بسعادة ورضا كامل وبدون انتظار مقابل .
الكلام عنها لن ينتهى، فقد كانت بمفردها "حياة".
صديقتى وأختى وأمى وملهمتى ، كانت كنزًا إنسانيًا وثقافياً وفنيًا ومحبة تسير على قدمين.
فراغ قلبي بعدها متروكًا لحبها الكبير فهى دائماً ما كانت تصلح معى تلك الأشياء.
🤍رحمة الله يا سمسمة 🤍
إرسال تعليق