سيب نفسك .. دعوة للتمسك بالحياة والاستمتاع بها حتى آخر لحظة | بقلم | كمال سلطان | نجوم المحروسة

يعتبر نص "بجماليون" للكاتب الفرنسى جان جاك روسو هو أول نص يصاغ كمونودراما مكتملة العناصر وذلك فى العام 1760، لكن أول من أطلق مسمى مونودراما كان الشاعر ألفريد تينسون وذلك فى العام 1855، حتى بدأ هذا الفن فى اجتذاب كتاب مسرحيين معروفين مثل تشيخوف، وجان كوكتو ويوجين اونيل وصامويل بيكيت، وظهر الاحتفاء بهذا اللون من الكتابة والاهتمام به من قبل المؤلفين والمخرجين وقامت العديد من الدول بتخصيص مهرجانات خاصة لعروض المونودراما فقط .

وفى أحدث تجاربه المسرحية يقدم لنا المخرج جمال ياقوت عرض "سيب نفسك" الذى ينتمى لعروض المونودراما وتلعب بطولته الفنانة فاطمة محمد على ويتم عرضه على قاعة يوسف إدريس بمسرح السلام من إنتاج فرقة المسرح الحديث بقيادة الفنان محسن منصور، الذى حرص على إعادة الحياة إلى قاعة يوسف إدريس منذ توليه المسئولية وذلك بعد إغلاقا لمدة 11 عاماً متواصلة .

وكان المخرج خالد جلال رئيس قطاع الانتاج الثقافى والقائم بأعمال رئيس البيت الفنى للمسرح قد شهد افتتاح العرض خلال الاسبوع الثانى من شهر إبريل الماضى ويعد العرض هو السابع ضمن العروض التى أعلن عنها خلال المؤتمر الصحفى الذى عقد بالمسرح الفومى بحضو د. نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة .

سيب نفسك ديكور أحمد أمين، إضاءة إبراهيم الفرن، أزياء نهاد السيد، موسيقى وألحان حاتم عزت، أشعار محمد مخيمر، استعراضات مناضل عنتر، تصميم وتنفيذ عرائس نبيل الفيلكاوى أقنعة أمير عبد المسيح دعاية محمد فاضل، تأليف مارك إيجيا، ترجمة د. نبيلة حسن، دراما تورج وإخراج د. جمال ياقوت .

وتدور الأحداث فى إطار كوميدى استعراضى غنائى على الرغم من مآساوية الفكرة الرئيسية التى تتناول قصة رجل أعمال يعلن افلاسه وتباع شركته فى المزاد العلنى فيقرر اعتلاء سطح المبنى وإلفاء نفسه منهياً حياته وعندما تراه عاملة النظافة المكلفة بتنظيف الشارع تصعد إلى المبنى لاهثة الأنفاس لنشهد معها محاولاتها المستميتة لإثناءه عن قراره .

تجربة جمال ياقوت فى الكتابة الابداعية لا تقل ثراءَ عن تجربته كمخرج متميز، حيث بدأت رحلته مع الكتابة خلال دراسته بكلية التجارة بجامعة الاسكندرية عندما كتب نصاَ بعنوان "عائلة دهب" وتأكدت موهبته مبكراَ عندما حصد عنه المركز الأول بالجامعة، وعلى الرغم من إصداراته المتعددة إلا أن كتابه "رحيق النار" الذى يروى خلاله تجربة نجاته من حرق بنى سويف الشهير وآلامه الرهيبة خلال رحلة العلاج ومعاناته فى المستشفى يؤكد لنا بما لا يدع مجالا للشك أننا أمام كاتب متميز يمتلك لغته الخاصة والمتفردة .

ويقدم لنا ياقوت من خلال نصه البديع روشتة للتعايش مع كل مايواجهنا من مشكلات  وأزمات حياتية وعدم السقوط أسرى لتلك الأزمات التى تحول بيننا وبين الاستمتاع بملذات الحياة المتعددة، وقد أحسن ياقوت صنعاَ عندما أسند دور البطولة للفنانة فاطمة محمد على التى نجحت بما تمتلكه من امكانات فنية هائلة من التعبير عن الدور بمنتهى البراعة والاتقان، وبفضل براعتها  فى التمثيل والغناء والاستعراض نجحت فى أن تكون عامل الجذب الأول للجمهور العادى والمختصين ليجتذبهم العرض ويتم رفع لافتة كامل العدد على شباك التذاكر طوال ليالى العرض .

ديكور أحمد أمين جاء مناسباَ تماماَ ونجح فى عمل تكوين يعبر عن أحد أسطح العمارات رغم ضيق مساحة القاعة، كما جاءت ملابس نهاد السيد معبرة عن روح عاملة النظافة المبهجة، أشعار محمد مخبمر جاءت معبرة عن دراما العرض وجزء أصيل من نسيجه الدرامى، اما عن موسيقى حاتم عزت فقد نقلتنا إلى عالم آخر وزمن مختلف وجعلت الجمهور من مختلف الأعمار يردد أغنيات العرض .. وتبقى رسالة العرض الأساسية فى الدعاء الذى تختتم به البطلة الأحداث حيث تقول: "اللهم امنحنا القوة حتى نغير كل مايمكن تغييره، وامنحنا الشجاعة حتى نتقبل بنفوس راضية كل مالا يمكن تغييره .. وامنحنا الحكمة حتى نفرق بينهما" .

اضف تعليق

أحدث أقدم

تحديثات