كمال سلطان يكتب: حلاوة الحب.. دعوة لإحياء قيّم الخير والجمال بالحب | أخبار المحروسة

يمتلك المخرج محمد إبراهيم قدرة خاصة على تقديم عرض مسرحى يحتوى كل فنون الفرجة المسرحية،  وعناصر الجذب الجماهيرى، إضافة إلى توجيه رسائل قوية للمتلقى،  فيخرج المشاهد من عروضه مستمتعاً بما شهده على خشبة المسرح، وراضياً عن رسائل تلك العروض.

وفى عرضه الجديد "حلاوة الحب"  والذى يعرض على مسرح السلام برئاسة الفنان محسن منصور،  يعود محمد إبراهيم لممارسة لُعبته المفضلة فى امتاع الجمهور وإنعاش ذائقته الفنية ومنحه الكثير من المتعة والضحك والرضا، من خلال نص مُحكم تبدأ أحداثه فى عالم الموالد الشعبية، والنماذج المختلفة التى ترتاد المولد للتبرك بصاحب المقام الذى يؤمنون تماماً بكراماته، وقدرته على إيصال رسائلهم إلى الله، مع أنهم يجهلون حتى اسمه.

وقد اختار إبراهيم صوتين مميزين جداً لتقديم الإنشاد الدينى خلال العرض، وهما المطرب أدهم السعيد،  أحد أعضاء فرقة "وسط البلد"  والمطرب مصطفى منصور،  الذى قدم أيضاً ألحان وموسيقى العرض،  ونجحا من خلال صوتيهما فى إضفاء حالة روحانية توائمت مع نفحات الشهر الكريم، وتفاعل الجمهور بقوة معهما والتى بدأت بأغنية مشتركة فى مدح النبى صلى الله عليه وسلم،  تلاها دخول الباعة الجائلين، لعرض بضائعهم على مرتادي المولد الذين يتنوعون بين شاب اصطحب حبيبته إلى هذا المكان ليشهد صاحب المقام على اعترافه له بحبه، إضافة إلى إمرأة تصرخ ملتاعة على ابنها الذى فقدته بين الزحام، إضافة إلى لصين حضرا لسرقة صندوق النذور، وذلك البلطجى الذى يقطع الطريق على الناس ومحاولة سرقتهم، وإمرأة جاءت تتبرك بصاحب المقام، وتدعو الله ان يرزقها بالولد حتى لا يتركها زوجها، ثم يحكى الأراجوز حكاية المقام ليستكملها صوت المطرب مصطفى منصور بأغنية قصيرة.

وفى ذروة الأحداث يصرخ خادم المقام مذعوراً ليبلغ الناس أن مولانا صاحب المقام قد اختفى!.

ويظهر الشيخ أمامنا متجولاً بين الناس ليرصد لنا ما فقدناه من مشاعر الحب والتراحم فى ظل اللهاث خلف المادة، حيث نرى ذلك الطبيب الذى يجلس غير مبال بصرخات أم ملتاعة تطلب منه أن يسارع بعلاج ابنها،  لكنه يرفض بقسوة لأنها لا تملك ثمن الكشف  فيعوضها الله بطبيب شاب تلتقى به ويعلم قصتها بعد ان تجد محفظته وتسلمها له رافضة المكافأة المالية التى يمنحها لها على أمانتها،  حيث يقوم بالكشف على ابنها ومعالجته فى رسالة واضحة أن جزاء الإحسان هو الإحسان، وتتوالى النماذج التى تحتاج إلى إعادة تقويم للسلوك،  مثل ذلك الرجل الذى يهين زوجته ويقسو عليها دائماً،  وذلك الميكانيكي الذى يشترى قطع غيار مغشوشة،  ليوهم صاحب السيارة أنها أصلية،  وذلك المطرب الذى لا يملك أى مقومات للغناء،  وقدمه المخرج محمد إبراهيم من خلال اسكتش غنائى استعراضي رائع أتصور لو تم بثه عبر الانترنت فسيصبح "تريند" ويتفوق على كل أغانى المهرجانات،  وسيسهم كثيراً فى تسويق العرض ودعايته .

ديكور هبة عبد الحميد جاء معبراً عن بيئة العرض و على الرغم من اقتصار العرض على منظر رئيسي واحد للمقام، إلا أنها نجحت فى التنويع من خلال قطع الديكور البسيطة التى توالى ظهورها على خشبة المسرح مثل عربات الباعة الجائلين والأراجوز وفاترينة قطع الغيار وعيادة الطبيب وهى حلول ذكية نجحت فيها مهندسة الديكور من خلال خبرتها الكبيرة.

وقد ساعدت إضاءة محمد إبراهيم وموسيقى مصطفى منصور على إضفاء جو روحانى يجعل المشاهد يسمو بروحه ويصفو ذهنه وهو يتابع العرض.

الفنان حسام فياض ادى دور الشيخ صاحب المقام بأستاذية كبيرة،  فهو أحد أبناء جيل فنى تتلمذ على يد عمالقة حتى صار استاذاً فى فن التشخيص،  ويعد هذا الدور بمثابة صرخة مدوية فى وجه القائمين على الأعمال الفنية فى مصر للاستفادة من قدرات هذا الفنان المتميز.

أشرف فؤاد أدى دور الدرويش خادم المقام فى حدود الدور المكتوب والذى لم يمنحه الفرصة لتقديم كل ما لديه.

اما مجموعة الممثلين الشباب الذين يقدمهم محمد إبراهيم فى هذا العرض، فلا تستطيع أن تنتصر لواحد منهم على حساب الآخر فجميهم أجادوا كثيراً فى أدوارهم ومنحهم العرض الفرصة لتقديم مختلف الأدوار مابين الكوميدى والتراجيدي،  فكان كل منهم ينافس نفسه لا زملائه على خشبة المسرح،  فنجحوا فى انتزاع اعجاب الجمهور والوصول إليه بفضل موهبتهم الكبيرة.

وأخيراً فإن عرض "حلاوة الحب" لا يتعالى على المتلقى وإنما كُتب بلغة بسيطة، ليصل إلى الجمهور بمختلف درجات وعيه وتلقيه بنفس القدر من الفهم والإدراك.








اضف تعليق

أحدث أقدم

تحديثات