وفى تجربتها الأولى مع البطولة المطلقة،
والتى أرى أنها تأخرت كثيراً، تمنحنا حنان دروساً مجانية فى كيفية احتراف التلقائية فى الأداء، فقد توحدت تماماً مع شخصية د. سلمى التى تؤديها خلال حلقات "وش
تالت" ضمن مسلسل
"وجوه" الذى يتم عرضه
حالياً، ونجحت فى نقل جميع المشاعر
المضطربة التى تعانيها منذ وجودها داخل جدران السجن، وحتى بعد خروجها منه ومواجهتها للمجتمع، ومدى خوفها ممن يحيطون بها، وذلك من خلال تعبيرات وجهها وارتباكها
الشديد، والذى أصابها فى النهاية بمرض
نفسى جعلها تتوهم أشياء وترى أشخاص لاوجود لهم،
وهذا التوحد مع الشخصية انتقل إلينا كمشاهدين، فصرنا نشعر بالقلق
عليها، والترقب معها بحذر لكل ما يحيط بها
من أخطار سواء أكانت وهمية أم حقيقية.
وقد نجحت حنان فى تجسيد انفعالات تلك الشخصية المضطربة باقتدار ورغم براعتها فى الكثير من المشاهد، إلا أننى أرى أن أدائها لمشهد قراءة الخطاب الذى تعلم من خلاله بوفاة ابنتها فى الحلقة الأولى، كان وسيظل هو الأقوى خلال حلقات المسلسل، فقد استطاعت استغلال جميع أدواتها الفنية فى التعبير عن هول الصدمة التى أصابتها، فمع قراءتها الأولى للخطاب، والذى لا نعلم كمشاهدين مايحتوية من خلال قراءة محتواه عن طريق "الڤويس اوڤر" كما اعتدنا فى تلك المشاهد، وهو أمر يجعل مهمة الممثل أصعب، لكنها تجاوزت الأمر وعبَرت تدريجياً عن المحتوى القاسي للخطاب من خلال تبدل ملامح وجهها واختفاء ابتسامتها تدريجياً، وارتعاشة وجهها عند الصدمة الأولى، وأنكارها لما قرأت، وإبعاد الخطاب عن عينيها، وارتعاشات يديها، بل صراخها بأنها لا تستطيع القراءة، ثم انهيارها تدريجياً حتى تسقط على الأرض منهارة، أداء محسوب ومكتوب بمنتهى الدقة، فالتصرف الطبيعى لامرأة فى موقفها هو أن تجرى إلى باب الزنزانة وتصرخ على الحراس، ولكنها هنا امرأة هزمتها سنوات السجن، وبَدلت شخصيتها فكان طبيعياً أن يكون الانهيار والسقوط هو التعبير الأمثل لهذا المشهد الذى سيبقى طويلاً فى ذاكرتنا.
إرسال تعليق