كمال سلطان يكتب: الليلة الكبيرة .. إبداع يتحدى الزمن | أخبار المحروسة

أيام قلائل ونحتفل معاً بمرور إحدى وستون عاماً بالتمام والكمال على إنطلاق عرض "الليلة الكبيرة" حيث ظهر العرض للنور لأول مرة فى الأول من مايو عام 1961، حينما عرض على مسرح القاهرة للعرائس، شارك بعدها فى مهرجان بوخاريست الدولى للعرائس ونجح فى اقتناص المركز الثانى، ليتخطى بعدها حدود الزمان والمكان ويصبح الأوبريت الأكثر شهرة ونجاحاً فى مسرح العرائس .. فكيف بدأت الفكرة وكيف تطورت وماهو سر خلود هذا العرض؟

من وجهة نظرى المتواضعة أن سر خلود هذا العمل الرائع على مر الأعوام هو أنه كان بمثابة الإنطلاقة الأولى لكل صناعه كل فى مجاله وقد اعتبره كل منهم تحدياً خاصاً لكى يقول ها أنذا .

كانت البداية من عند الشاعر صلاح جاهين عندما ذهب يوماً لزيارة صديقه الموسيقار سيد مكاوى والذى كان يسكن حينها بحى السيدة زينب وكان الوقت متزامناً مع الاحتفال بمولدها فاستوحى جاهين من تلك الأجواء كلمات الأغنية التى كتبها على شكل صورة غنائية وهو لون من الغناء كان منتشراً فى تلك الفترة، ثم لحنها مكاوى ذلك اللحن المبهج منذ بداية الأغنية والتى تبدأ بموسيقى خفيفة هادئة ثم تتحول إلى موسيقى قريبة من ألحان الأفراح الشعبية وأضاف إليها الزغاريد مما أعطى للمستمع تمهيداً لما هو مقبل عليه بعد ذلك، مستخدماً فى أغلب مقاطعها نفس الآلات الشعبية التى تستخدم فى الموالد مثل الرق والناى والمزمار والطبلة، ودمج ذلك بأصوات الحيوانات التى نراها فى المولد مثل نهيق الحمار الذى تم استخدامه كفاصل موسيقى أكثر من مرة وصوت صهيل الحصان وزئير الأسد فى مقطع السيرك، وقد تم تسجيلها بالإذاعة المصرية التى كانت وقتها هى المتنفس الوحيد فلم يكن التلفزيون قد تم انشاؤه بعد، وشارك فى غنائها عدد من الأصوات الشابة حينها مثل شفيق جلال وهدى سلطان وشافية أحمد وعبده السروجى ومحمد رشدى وغيرهم، وأخرجها للإذاعة عباس أحمد .

وبعد ذلك بسنوات قليلة انشأت وزارة الثقافة فرقة مسرح القاهرة للعرائس عام 1958وأنتجت عدد من العروض قبل أن تنتقل الفرقة إلى موقعها الحالى بميدان العتبة، وكان الإعتماد حينها فى تصميم العرائس على الخبراء الأجانب من رومانيا واليونان، كانت الفرقة مكونة من 9 أعضاء من بينهم فنان العرائس الشهير ناجى شاكر الذى تم تكليفه من جانب الوزير ثروت عكاشة بإنتاج عرض مستمد من البيئة المصرية للمشاركة به فى مهرجان بوخاريست، ولما كان ناجى متعلقاً بشدة بأوبريت "الليلة الكبيرة" الذى كانت تذيعه الإذاعة باستمرار فقد استقر على أن يكون هو مشروعه القادم، فتواصل مع صلاح جاهين وطلب منه أن يضيف كلمات جديدة للأغنية والتى كانت مدتها 10 دقائق ليكون مناسباً لتقديمه فى عرض مسرحى متكامل، فأضاف جاهين إلى الأغنية جزئية السيرك لتصل مدته إلى 40 دقيقة أسند إخراجها إلى المخرج صلاح السقا الذى أكد فى تصريحات سابقة أن عرض الليلة الكبيرة نتج عن رغبة داخلية لديه ولدى صلاح جاهين وناجى شاكر فى تقديم عرض مصرى خالص، وبعد انتهاء جاهين من الكتابة بدأ ناجى فى تصميم العرائس،  وبدأنا فى تحريكها على المسرح،  وكان العرض من أوائل الأعمال التى يتم تقديمها فى مسرح العرائس،  ونجح نجاحاً مدوياً،  وشاركنا به فى مهرجان بوخاريست ونلنا عنه جائزة.

يذكر أن العرض قد استمر فى حصد الجوائز من مهرجانات دولية فى سوريا والأردن وتونس وفرنا وإيطاليا.

ونظراً للنجاح الكبير الذى حققه العرض فقد قدمه المخرج عبد المنعم كامل عام  2001برؤية جديدة  كعمل أوبرالى شارك فى غنائه المطرب أحمد إبراهيم وفرقة الموسيقى العربية بالأوبرا، والعرض متاح للمشاهدة من خلال قناة وزارة الثقافة على موقع اليوتيوب حيث تم بثها ضمن مبادرة "الثقافة بين ايديك"  والتى أطلقتها الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة لمواجهة أزمة إغلاق المسارح فى بداية انتشار فيروس كورونا.

وأخيراً فقد نجح هذا الأوبريت فى تخليد اسم كل من شارك فى صناعته،  فلا يذكر إسم الليلة الكبيرة إلا وتذكر أسماء العمالقة صلاح جاهين وسيد مكاوى وناجى شاكر وصلاح السقا،  وقد تم تصوير العرض تلفزيونياً فى أوائل الثمانينات من إخراج محمود بيومى . 

 






اضف تعليق

أحدث أقدم

تحديثات