وأعتقد أيضاً أن معظمنا عندما يتجول بين القنوات التليفزيونية المختلفة مستخدماً "الريموت كونترول" وعند ظهور أى مشهد من مشاهد هذا الفيلم على الشاشة تتحول أنامل اليد -دون أن تشعر- من محرك تغيير القنوات إلى محرك ضبط درجة الصوت .
ملاحظتان على هامش الفيلم الجميل ليس لهما أى علاقة بمضمونه ولاحلاوته ولا سياقه الدرامي لكنهما يمران بخاطرى كلَّما شاهدت الفيلم وما أكثر ذلك .
الأولى هى، لماذا تم إختيار خطيب الفنانة الشهيرة هند رستم عند زيارتها لبورسعيد لإقامة حفل أضواء المدينة ليكون حارس مرمى النادى الأهلى ومنتخب مصر كابتن عادل هيكل، هل كان هذا من باب جذب مزيد من جماهير الرياضة لمشاهدة الفيلم ؟ أم هى إشارة ضمنية إلى أن حياة البطل الرياضى ربما لا تناسب أجواء حياة نجوم الفن عموماً؟ أم أن السبب هو صداقة عادل هيكل وعمر الشريف ؟ أم هو الإنتاج الفنى وآلياته والعوامل المادية وحكمها ؟
لكن الملاحظ أنه بعد هذا الفيلم بوقت قليل كان زواج حارس مرمى النادى الأهلى كابتن مروان كنفانى من الإعلامية والفنانة نجوى إبراهيم ، ثم زواج حارس مرمى نادى الزمالك كابتن سمير محمد على من الفنانة ليلى جمال ، ثم زواج حارس مرمى النادى الإسماعيلى ومنتخب مصر كابتن حسن مختار من الفنانة رجاء الجداوى ، وأخيراً كان زواج حارس مرمى نادى الزمالك ومنتخب مصر كابتن محمد عبد المنصف من الفنانة لقاء الخميسى .
هل هذا هو تأثير الفيلم والفن والدراما عموماً على المجتمع ؟ أم هو الإيحاء والوازع ؟ أم هى الصدفة البحتة؟ أم هى كل شىء أو لاشىء من كل هذه الأمور .
الثانية هى ،الترويج السياحى والفنى والإقتصادى لبورسعيد وإظهار التخطيط الهندسى المبهر لشوارع ومبانى وشواطيء المدينة كان واضحاً وملفتاً للجميع ، وغالباً ما يكون مقصوداً ، إلى جانب السهرات والحفلات الفنية والثقافية ، وعقد الصفقات التجارية الدولية مع الخواجة "ڤلاڤلاڤاكس" ، والتصدير عن طريق الميناء للعديد من الدول الإفريقية .
لكن أن يظهر يوسف وهبى عائداً من سهرة ليلية مستخدماً "الحنطور" ثم يذهب إلى مقر عمله مع إبن أخيه مستقلاً "السيارة الفارهة" وأمام السيارة يقود محروس إبن أخته "الڤيسپا" !!! ، ويكون "التاكسى" هو المستخدم من حسين وكيل الشركة للذهاب للنادى لتوقيع ورقة البنك المهمة من عمه الذى يرسله لإنتظار إبنته - وهو رجل الأعمال الشهير- على محطة "القطار"، ثم يلاطف زوجة عمه بأنه على استعداد لإهدائها باقة ورد تحضرها "الطيارة" يومياً من القاهرة، فى المشهد الرائع للمبدعة "إحسان شريف" صاحبة أحد أقوى وأوسع إفيهات السينما المصرية إنتشاراً "لأ ، دى بلدى أوى يا حسين"، إنتهاءً بوصول الفنانة هند رستم للمدينة ودخان "الباخرة" وبعض السفن يتصاعد من ورائها .
هل كانت مشاهد الحنطور والڤيسپا والسيارة والتاكسى والقطار والباخرة والطائرة كوسائل إنتقال محلية وخارجية لهذه المدينة الهادئة ذات الشوارع الممهدة الخالية هى أحد عناصر ووسائل هذا الترويج ؟ أم كان سيناريو وحوار المشاهد الكوميدية يستدعى سرعة تغيير إيقاع الحركة وإختلاف أدواتها ؟ أم أن الحياة فى هذه المدينة كانت - فى تلك الفترة - كالحياة وربما أروع منها فى أجمل المدن الفرنسية المطلة على البحر الأبيض المتوسط ؟!
جميل أن تفكر .. حتى دون أن تصل لنتيجة فالتفكير غاية فى حد ذاته.
إرسال تعليق