في طريقي إلى القاعة كان السؤال المُلِّح هو (عن أي أفق) ستحدثني لوحات أمل ؟ ولأي (جديد) ستصطحبني؟
مع دخولك الأول للقاعة (الضيقة) ستشعر بأن آلة الزمن ألقت بك فجأة في كهف من كهوف الأجداد القديمة، أجداد ما قبل التاريخ، وبعد تجوال سريع بين اللوحات ستكتشف أنك عاجز عن تحديد الزمن الذي ينتمي إليه كهف (سفر خان) ومن أي حضارة تحديداً استوحت أمل نصر رموزها وحيواناتها وعرائسها وبحرها وسمائها. لكنك وبعد جولة أخرى تتعمد أن تكون بخطوات أبطأ، وبوقفات أطول أمام كل لوحة من لوحات المعرض المختلفة الأحجام (منها ما يقترب من الجدارية ، ومنها ما لايزيد عن مربع صغير) ستكتشف أن عوالم أمل نصر لا تخص إلاها، وستوقن أنها صنعت أساطيرها الخاصة وأنها ببراعة تحسد عليها قد مزجت بين أكثر من رمز وأكثر من حضارة قديمة ووضعتهم في بوتقتها السحرية لتخرج لك عالماً (جديداً) يفتح لك (أفقاً) مغايراً لما تركته ورائك منذ قليل في شارع ينوء بالكثير من منغصات الحياة .
ما سيلفت نظرك في لوحات أمل نصر هي تلك الروح الطفولية التي تمكنت من الفنانة وتركت هي لها اللعب بحرية تتمرجح بين بعيد قد يصل إلى عنان الفانتازيا وبين قريب يحط بك في تأويلات واقعية تتخفى بغلالات من سحر وتعاويذ .
في البداية -ربما - ستبحث عن تأويلات لرموز وشخوص أمل نصر، لكنك بعد قليل ستترك نفسك للوحات وتكتفي بمتعة الرحلة في هذه العوالم، فآدم ليس هو من تعرفه ، وكذلك حواء وتلك السفينة وهذه السمكة وغيرها .. نعم هي نفسها ولكنها أيضا ليست هي على الإطلاق. وحينها ستنفض عن عقلك أسئلتك وستغوص في حكايات أمل الأسطورية.
في لوحات أمل ستكتشف أن الكون منذ الخلق الأول – وربما قبله – يدور في فلك واحد وحيد رغم تعدد دوراته الزمنية . وأن الإنسان الذي تنتمي أنت إلى جنسه - وربما أنت نفسك - قد عاش حيوات مختلفة في أزمان وأماكن مختلفة.
في نهاية رحلتك داخل كهف (سفر خان) الضيق، ستشعر بأنك في احتياج لزيارة أخرى وأخرى وفي كل مرة سيزداد إلحاح السؤال لديك عن كيف استطاعت أمل نصر أن تبتعث الطفلة الكامنة فيها وتمنحها كل هذه الحرية؟
شكرا أمل نصر على هذه الرحلة وحفظ الله لك طفلتك التي نتمنى ألا تكبر أبداً.
إرسال تعليق