حاولت مكتبش.. بس مقدرتش | بقلم: فيليب فكرى

وإن كانت الفكرة الأساسية للفيلم اعتمدت على لعبة يقوم بها الأبطال تكشف ما هو مستور في الضمائر والعقول بين دفتي جهاز المحمول.. فكان التريند من رد فعل الجمهور، الذي يتعامل بالظاهر من الاخلاقيات مستندًا على ما هو مستور، بين دفتي محمول.. فانتفض الأغلبية، لهذا العوار والفسق والفجور، الموجود في الفيلم بعد ان شاهده عدة مرات مسروقًا على موقع السرقات المشهور.

لذا رصدت عدة تشابهات كونها هي الأدعى للدهشة:

(مصطفى بكري) وحديثه عن منع عرض الفيلم، وكأنه إنتاج قطاع الإنتاج وسيعرض في ليالي التليفزيون، وهو النائب والصحفي المخضرم، يؤكد عدم إدراكه بلغة العصر وعولمة الميديا، ولا بلغة السينما، ولا عن بيئة الفيلم اللبنانية التي اعتقد سيادة النائب تمصيرها لمجرد حضور (الملوخية).. يذكرني تمامًا بهذا الرجل صاحب الشركة الكبيرة عندما اصطحب موظفيه لحضور ماتش دولي ف الاستاد، وأزعجه ضجيج الجمهور فما كان منه إلا أن هاج منفعلا ومتوعدًا للجمهور متناسيًا أنه في استاد يحمل عوالم أخرى من البشر وليس داخل شركته.. وبعدها فلت بأعجوبة من بين أيديهم.

أما (ايجي بيست) التي حذفت الفيلم حفاظًا على الأخلاق الحميدة.. بعد أن سرقته (طبيعة عملها) ومن ثم سرقه الجمهور.. هي نفسها تلك العاهرة في فيلم (السفارة في العمارة)، التي هاجت وماجت في الرجل الذي اصطحبها بالأجرة لقضاء ليلة حمراء، عندما علمت بأنه يجاور السفارة الاسرائيليلة، فنقحت عليها وطنيتها ورفعت شعارات ال لا للتطبيع.

أما عن الجمهور الغفير حامي الفضيلة الذي أزعجته لقطة لبطلة الفيلم، ليس بها أي إثارة بقدر ما بها من إنذار كارثي لما هو مبطون في السرائر.. فأنتم لستم بعيدين عن نائب إخواني ملتحي يدعي الفضيلة ويجلجل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قبل أن يُضبط متلبسًا بفعل فاضح في سيارته.

الصرخة التي قدمها الفيلم منذ نسخته الأولى هي التي أثارت الضجة المفتعلة من جماهير عتيدة ارتعدت من فكرة كشف المبطون، أو المستور في جهاز اعتقدوه مغلق.. كما ادعوا أن الفيلم يدعوا للمثلية الجنسية بعكس الواضح من عدم إفصاح الرجل الشاذ عن هويته لأعز أصدقائه، مما يؤكد عوار تلك الأفعال ورفضها.

أما عن الفيلم بشكل عام، فمن الذكاء اختيار البيئة اللبنانية الأكثر تحررًا وبالرغم من هذا حدث ما حدث.. الألفاظ الخارجة غير مريحة للأذن حتى وإن كانت بنكهة لبنانية، ملهاش لازمة.. الأداء رائع لأغلب الممثلين.. اسم الفيلم هو أسوأ ما به وأقل الأسماء جاذبية من بين النسخ ال 18 لفورمات الفيلم.. الإخراج وباقي عناصر صناعة الفيلم جيدة، بينما تظل الفكرة الأساسية هي الأروع، والأخطر، ويظل بيان النقابة هو الحسنة الوحيدة في هذا التريند.

وأخيرًا.. ماذا لو تم توسيع دائرة اللعبة من أبطال الفيلم لعموم الجمهور، خاصة اللاعنين والمهاجمين له بمبررات الفضيلة؟.. هل تستطيعون إفشاء ما في تليفوناتكم على الملأ؟.. حينها اصرخوا وسبوا وهاجموا كما شئتم.. ولكنكم لا تستطيعون.. وإلا كنتم انتفضتم لملابس داخلية لسيدة مُسنة تم تجريدها منها بكل خسة وحقارة، كما انتفضتم لأندر وير البطلة، الذي لامؤاخذة خدش حياءكم للحد الذي طالبتم فيه زوجها الفنان بتطليقها، وهو الأمر الذي لا يستدعي الدهشة بقدر ما يستدعي خبراء علم النفس لتفسير ما الذي وصل بنا الى هذا الحال؟.. ومتى؟.. وكيف؟.

ليس أسوأ في بلادي من ادعاء الفضيلة.



اضف تعليق

أحدث أقدم

تحديثات